اوباما صورة جديدة

منذ أن سمعت اسم باراك اوباما ابن الكيني المسلم خطر ببالي دولة كينيا ذات الأغلبية المسلمة و التغير الدرامي الذي عاشه أهل هذه الدولة، فعندما زرت مومباسا المدينة الكينية و التي هي بمثابة نافذة كينيا علي العالم الخارجي، رأيت مسلمين و علي رؤوسهم طاقية بيضاء لكنها مبقعة. و كأن هؤلاء المسلمين يُعتبرون من مواطني الدرجة الثانية.  وبالفعل فانباراك اوباما ينتمي إلي مواطني كينيا الذين يعدون من مواطني الدرجة الثانية ، فاوباما خليط من الظروف الاجتماعية و السياسية في القارة السوداء.

لقد كانت كينيا احدي المستعمرات البريطانية، و كان أكثر من 60% من السكان مسلمين حتى عام 1925م.  و اليوم في هذه الدولة الخضراء الواقعة في القارة السوداء تصل نسبة المسلمين إلي 20% فقط من إجمالي السكان. و لهذا السبب فان اسم باراك اوباما المسيحي لأب مسلم يلتقي بالألم الذي اشعر به في أعماق قلبي؛ لقد تحول المسلمون في كينيا عن الإسلام بسبب نشاطات التبشيريين و بسبب الضغوط الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية المنظمة ضد المسلمين في البلاد. و بالرغم من أن اسم “باراك” يعني في اللغة السواحيلية بركة ، إلا أن مسيحية اوباما لا تمس بصلة لمه ذكرته سابقا.

اسم اوباما يذكرني بالدستور الأمريكي الذي أُعد لتحقيق المساواة و نشر الحرية. لكن في الدولة التي تدافع عن مبادئ الحرية و المساواة، لم يستطع الاستفادة من هذه المبادئ، سوي الرجال و البيض،  في حين منعت المرأة و الجنس الأسود من هذه الحقوق. و رغم أن الحرب الداخلية في الولايات المتحدة حدثت بسبب تقسيم العبيد، فان الحلم الأمريكي ذو الوجهين يذهلني دائما. فالحلم الأمريكي كان هدفه دائما أن يجعل من الزنوج الطبقة الثانية في البلاد بعد أن تم القضاء علي العبودية. و قد تحقق هذا الحلم بنهاية القرن العشرين.

ففي عام 1868م في الولايات المتحدة، دولة الحريات، مُنح العبيد لأول مرة جنسية الولايات المتحدة الأمريكية، إلا انه في عام 1896 تم الإعلان عن قانون التفرقة العنصرية بين البيض و السود.

وليست هناك حاجة إلي الرجوع إلي الوراء في الماضي البعيد؛ ففي عام 1955م  في مركز مونتجمري التابع لمدينة الباما، تم اعتقال و حبس روزا باركس ، المرأة الزنجية التي رفضت إخلاء مقعدها في الحافلة لراكب ابيض البشرة. لذلك يجب أن نتذكر تلك الأحداث،  و كيف يسوق الأمريكان لحلمهم و يخفون وجههم الحقيقي القبيح.

يجب علينا  ألا ننسي اغتيال مالكوم اكس عام 1965م ، و أن اختيار أول سيناتور أمريكي من أصل أفريقي تم عام 1966م  بانتخاب السيناتور ادوارد بروك ، كما كان تعيين أول حاكم ولاية من أصل أفريقي عام 1990م. لذلك لابد أن نعرف من الذي منع هؤلاء الزنوج من الوصول إلي هذه المناصب و من احتل أماكنهم لسنوات طويلة.

هذه القائمة السابقة يمكن أن تطول، لكن الحقيقة التي لن تتغير هي أن الفارق كبير بين حقيقة أمريكا و وجهها المزيف.

يذكرني فوز اوباما بنجاح النظام الأمريكي في تخليص نفسه من الجرائم التي ارتكبها علي مر التاريخ؛ و هذا المفهوم هو نفس مفهوم صكوك الغفران. ففي أفلام الكاوبوي تظهر الولايات المتحدة نفسها بمظهر منقذ الهنود الحمر من التخلف و الجهل؛ و ذلك بالرغم من عمليات الإبادة و الظلم و المعاناة التي رآها الهنود الحمر علي أيدي الأمريكيين.

تريد الولايات المتحدة الأمريكية أن تُقنعنا ببعض الأفلام المصنوعة بتقنية عالية, و كأنها تمتلك من الحكمة و العقل ما جعلها قادرة علي تقديم اعتذار للهنود الحمر. و يبدو لي أيضا أن فوز اوباما يعكس بعضا من هذه الملامح.

إن تركيبة النظام الأمريكي الانجلوسكسوني البروتستانتي القائم علي العرق الأبيض، لا تندمج مع مجريات الأحداث الجديدة، بل تحاول أن تتماشي مع هذه الأحداث بتغيير الصورة، مع الحفاظ علي التركيبة الأصلية للنظام.

يعتبر فوز اوباما نتيجة حتمية لمطالب داخلية و خارجية باتجاه التغيير، لكن هذا الفوزما هو

إلا قناع  اسود لوجه ابيض

بعد نتيجة الانتخابات التي ستؤثر في حياة المليارات من البشر، أريد أن احذر من يفكر في تراجع الإمبراطورية التي علي وشك الانهيار، عن مواقعها في العالم إلي القارة الأمريكية بمحض إرادتها. لان هذا التراجع او الانسحاب لن يحدث.

 فالسياسة الأمريكية الحالية تتفق مع وجهة نظر صقور البيت الأبيض، و هذه هي سياسة الدولة. يجب أن نعي جيدا أن التطورات التي حدثت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تم التخطيط لها في عهد الديمقراطيين سياسيا و نظريا. ربما يختلف الأسلوب لكن لابد أن ننتظر و نري؛ و عموما لن يكون هناك تحول جذري عن السياسة الأمريكية الحالية، فأمريكا لا تمتلك من القوة ما يجعلها قادرة علي مثل هذا التحول الكبير.

فاوباما الذي يدعم زيادة ميزانية الحرب من ناحية،  يعد من ناحية أخري بالانسحاب من العراق، و كان بوش كذلك أيضا؛ فقد أراد  إلغاء الدوريات الأمريكية من الشوارع العراقية بعد إقامة القواعد العسكرية الثابتة هناك.

و الآن يتحدث رئيس أمريكا الأسمر عن فتح جبهة حرب جديدة مع باكستان.

ترجمة: فاطمة ابراهيم المنوفي

lgili YazlarArabiyah

Editr emreakif on November 9, 2008

Yorumunuz

İsminiz(gerekli)

Email Adresiniz(gerekli)

Kişisel Blogunuz

Comments

Dier Yazlar