الأبورجنيز” هم من سينقذون غزة”

لم تكن أيدى إسرائيل حرة الحركة بهذا القدر من قبل… هناك خرافة يتم ترويجها -لاسيما لدى الرأى العام الغربى- لشرعنة إستبداد/طغيان إسرائيل؛ ألا وهى خرافة الشعب المغلوب على أمره فى غِمار بحرٍ عربى يسعى للقضاء عليه فى الشرق الأوسط، والدولة التى تأوى ذلك الشعب. ومشهد خريطة الشرق الأوسط الضخمة التى يتوسطها “إسرائيل” الصغيرة نسبياً..

كون إسرائيل محاطة بأعداء يريدون القضاء عليها حقاً أم لا.. هو أمر محل جدل. الحقيقة هى أن إسرئيل قد إنغمست فى قلب الشرق الأوسط كالخنجر، وأنها لازالت مستمرة فى إنزاف الأراضى والمنطقة التى إحتلتها.

نعم، هناك حالة من الصمت الرهيب أمام قصف إسرائيل لـ”غزة”، وتزايد عدد القتلى كل يوم. وخاصةً لدى جيرانها الذين يريدون القضاء عليها، فهم لايحركون ساكناً فى كل مرة يُقصف فيها الفلسطينيون وتُدك غزة بالقنابل. ولكن على الأقل كانوا يحاولون إقناع شعوبهم بإعتراضهم على مايحدث من خلال قطع العلاقات -مثلاً- أو إبداء إحتجاج رسمى. فى ذلك الأثناء، إن حدث وصدر عن الإتحاد الأوروبى أو الولايات المتحدة تصريحات إستنكار، فإن إسرائيل لم تكن تنصاع لأى نداءات أو دعوات إلا بعدما تنتهى تماماً من عملها.

فى هذه المرة، الوضع مختلف من كافة الجوانب؛ حيث ساندت الولايات المتحدة – بعد إنهيار مبادرتها الفاشلة للسلام – إسرائيل معترفةً بحقها فى الدفاع عن نفسها. وأساساً لم يُسجل إطلاقاً أن الولايات المتحدة قد فرضت من قبل أى عقوبة لتعيق تحرك إسرائيلى تعارضه. حتى الهجوم الذى شنته إسرائيل على غزة عام 2012 بإسم “عامود السحاب”، والذى عارضته الولايات المتحدة، إتضح فيما بعد أن الولايات المتحدة قد أجرت قبله مناورات عسكرية كـ”بروفة” للهجوم.

لقد أتاحت أجواء التوتر – التى تصاعدت حدتها مع إعتقال إسرائيل للفلسطينيين بشكل عشوائى، على خلفية إختطاف وقتل ثلاثة شبان إسرائيليين، ثم إحراق الشاب الفلسطينى محمد أبو خضيرة حياً – الفرصة التى كانت تتحيّنها إسرائيل، حيث أفادها هذا التوتر فى هدم مشروع الحكومة التكنوقراط التى إتفقت عليها حماس وفتح بعد المصالحة التى توصلا إليها. كما كان الموقف الدولى يتمتع بالظروف التى كانت تريدها إسرائيل. فمطابقة صورة “الإرهابى الإسلامى المتطرف” فى سوريا والعراق، على حماس، كانت تتيح لإسرائيل حرية الحركة.

وتمكنت إسرائيل -كالعادة- من إستغلال فكرة “الإرهاب الإسلامى” فى المنطقة بكل إقتدار، ونجحت فى تبرير موقفها العدوانى من خلال ترويج فكرة “مواجهتها لخطرٍ إرهابي كبير”. حتى أنها قد كوَّنت قناعة بأنها تكافح فى المنطقة لدحر الإرهاب الإسلامى الذى يهدد الغرب.

ويبدو الوضع القائم على الساحة – فى ظل  الموقف الدولى الحالى – ملائماً أكثر من ذى قبل لإسرائيل.

وعند النظر للوضع الفلسطينى، نجد أن إتفاق حماس وفتح كان التطور الإيجابى الوحيد. إلا أن هذا الإتفاق يبدو وكأنه سينهار قبل أن يكتمل. أما حماس التى صارت رمزاً للنضال، فقد تم عزلها تماماً. ويبدو أن الدعم المالى واللوجيستى والدبلوماسى من مصر –بعد الإنقلاب- ودول الخليج وإيران قد إنسحب بالكامل. وتركيا مشغولة/منهمكة بقضاياها الداخلية والأزمة القائمة فى الجنوب.

أساس المشكلة هو حال البحر العربى والشرق الأوسط الذى يحيط بإسرائيل… فقد حوَّل التوازن القائم على فكرة التهديد التى تصدرها إسرائيل ودول الجوار العربية ضد بعضهم البعض، البلاد كلاً منها إلى إمبراطورية خوف.

وفى ظل تلك الأوضاع، كان ينبغى -على الأقل- إبداء أى رد فعل، أو منح مساعدات خفيه/غير معلنة  تحيي القضية ولاتحدد مصيرها..

واليوم.. الشرق الأوسط ممزق داخلياً، ومنغمس فى تصفيات دموية على وشك أن تتحول إلى حرب مذهبية، والصراع السنى-الشيعى فى العراق يهدد المنطقة برمتها..

كما أن الصراع الدائر بين المعارضين وقوات الأسد فى سوريا لم يجهز فقط على أكبر تهديد عسكرى ضد إسرائيل (وإن كان ذلك التهديد لم يُفعَّل قط)، بل إكتسب الصراع القائم بين النظام والمعارضة الذى تحوَّل بدوره إلى حربٍ أهلية، بُعداً ذا محور مذهبى.

تحيُّز إيران بشكل فعَّال فى الصراع الدائر فى سوريا، والدعم الذى يقدمه حزب الله له، قد أودى بالصراع لإنقسام متطرف على مستوى الدول. ولم يعد لدى حزب الله – الذى أجبر إسرائيل على الرضوخ خلال هجومها الأخير على لبنان – وقتاً للإنشغال بغزة لإنهماكه فى سوريا.

كما أن السعودية ودول الخليج -التى تشعل حرباً بالوكالة فى سوريا- مشغولةٌ بمكافحة مخاطر أكبر من إسرائيل، وإمتدادتاها – التى تكفِّر الشيعة بإسم “السلفية المصطنعة” التى يمثلونها – منهمكةٌ بشن حرب على المسلمين والعادات والرموز والثقافة المخالفة لمفاهيمها الدينية.

وتركيا مشغولة بنتائج “التحالف الجديد” الذى إنضمت إليه بدعوى إعادة ترتيب الشرق الأوسط.. دعكم من الإعتراض على المستوى الدبلوماسى، فاللامبالاة التى تتمتع بها الصحافة تجسد حالة عدم الإهتمام الغريبة فى هذا البلد وكأن حادث “مافى مرمرة” لم يكن.

من يمكن أن يضع غزة فى أجندة إهتماماته فى ظل أجواءٍ يتم فيها إثارة كافة التباينات العرقية والدينية والمذهبية فى المنطقة ضد بعضها البعض، وتنقسم فيها الدول – الموجودة إسماً ولم يعد لها وجوداً فعلياً – إلى معسكرات، وتحل فيها كيانات – لايُعرف الدول !!والمنظمات المتداخلة فيها – محل دول!!

lgili YazlarArabiyah

Editr emreakif on July 12, 2014

Yorumunuz

İsminiz(gerekli)

Email Adresiniz(gerekli)

Kişisel Blogunuz

Comments

Dier Yazlar

Daha Yeni Yazlar:
Bir Önceki Yaz: